أثر الزمان والمكان في تشکيل الصورة الفنية ديوان لستم وحدكم أنموذجًا
محتوى المقالة الرئيسي
الملخص
تُمثِّل العلاقةُ بين الشعر والزمان والمكان محورًا جوهريًّا في الدراسات النقدية الحديثة، حيث تتجاوز حدودَ التأثير المتبادل إلى مستوى التماهي العضوي بين الذات الشاعرة وعالمها الخارجي. وتُعَدُّ الصورةُ الشعريةُ تجلّيًا مركزيًّا لهذه العلاقة، إذ تتحوَّل إلى نسيجٍ دلالي يدمجُ بين الأبعاد الحسية والمجردة، معتمدًا على التفاعلِ الوثيقِ بين الزمان والمكان. فالصورة لا تنفصلُ عن سياقها الزمكاني عند التشكُّل، بل تستمدُّ حيويَّتَها من الديناميكية الرمزية الناتجة عن تلاحم الإيحاءات المكانية مع تدفُّق الزمن وانزياحاته. هذا التفاعلُ يُنتجُ رؤىً متعددةً للنص الواحد، تختلف باختلافِ السياقات الزمانية والمكانية لقراءته، مما يُؤسس لانزياحاتٍ تأويليةٍ تعكسُ ثراءَ النص الشعري وقدرته على تجاوزِ حدودِ اللحظة التاريخية. في هذا الإطار، يُقدِّم ديوانُ "لستم وحدكم" – الذي شارك في تأليفه مجموعةٌ من الشعراء اليمانيين المعاصرين – نموذجًا تطبيقيًّا لتعقيدات هذه العلاقة، لاسيما في تعامله مع حدثٍ مفصليٍّ هو "معركة طوفان الأقصى" (أكتوبر 2023). فمن تحليل النصوص، يتجلَّى كيف حوَّل الشعراءُ الحدثَ التاريخي إلى مادةٍ شعريةٍ متعددةِ الطبقات، فانتقلوا من سرد التفاصيل العسكرية والسياسية إلى تأمُّلاتٍ فلسفيةٍ في دلالات الزمان (رمزا للفناء والأمل) والمكان (حاملا للذاكرة والمقاومة). وقد تجسَّد هذا التوظيفُ عبر آلياتٍ فنيةٍ متنوعة، كالربط بين الأماكن التاريخية مثل (حَطّين) والراهنة (كغزّة)، واستخدام الاستفهامِ أداة للتعبير عن الأزمة الوجودية، مما حوَّل الديوانَ إلى فضاءٍ رمزيٍّ يُعيدُ تشكيلَ الهويةِ الجمعية في مواجهةِ التحديات.هكذا، لا يقتصرُ أثرُ الزمان والمكان في الشعر على كونهما إطارًا سرديًّا، بل يصيران جزءًا من بنيةِ الخطاب الشعري نفسه، حيث تُعيد الصورة الشعرية تشكيلَ العالم عبر حوارٍ دائمٍ بين الذاتِ والكون.
تفاصيل المقالة
إصدار
القسم

هذا العمل مرخص بموجب Creative Commons Attribution 4.0 International License.